کد مطلب:142111 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:238

مقدمة التحقیق
الحمد لله، و الصلاة و لاسلام علی خیر خلقه و أشرف بریته محمد المصطفی و علی آله المعصومین، حجج الله علی عباده، سیما بقیة الله الأعظم روحی و أرواح العالمین لتراب مقدمه الفداء.

أما بعد: فماذا یمكن لأهل الثناء و التعظیم أن یقولوا فی حق أنصار الامام الحسین علیه السلام؟ و فی وصف منزلتهم و سمو شأنهم؟

و هل لغیر معصوم، قاصر، أن یؤدی فی المدح والثناء و الوصف حقهم كما هم أهل له!؟

اننی أعترف بقصوری و عجری، و لا أجد مفرا فی لا بدیة الحدیث عن رفعة مقامهم من أن ألجأ الی نقل بعض ما ورد عن أهل بیت العصمة علیهم السلام فی وصفهم و التعریف بمنزلتهم:

انهم علی صعید الصحبة أوفی و خیر أصحاب منذ أن كانت الدنیا و الی أن تنقضی، هذه الحقیقة شع بها ثناء الامام الحسین علیه السلام علیهم حین خطب فیهم قائلا: «أثنی علی الله أحسن الثناء، و أحمده علی السراء و الضراء، اللهم انی أحمدك علی أن أكرمتنا بالنبوة، و جعلت لنا أسماعا و أبصارا و أفئدة، و علمتنا القرآن، و فقهتنا فی الدین، فاجعلنا لك من الشاكرین.


أما بعد: فانی لا أعلم أصحابا أوفی و لا خیرا من أصحابی، و لا أهل بیت أبر و لا أوصل من أهل بیتی، فجزاكم الله جمیعا عنی خیرا...» [1] .

و أما علی صعید الشهادة، فلا شهداء كشهداء عاشوراء من الأولین والآخرین!! هذا ما ورد عن أمیرالمؤمنین علیه السلام فی وصف رتبتهم، فقد ورد عن الباقر علیه السلام أنه قال: «خرج علی یسیر بالناس، حتی اذا كان بكربلاء علی میلین أو میل، تقدم بین أیدیهم حتی طاف بمكان یقال له المقدفان، فقال: قتل فیها مائتا نبی و مائتا سبط كلهم شهداء، و مناخ ركاب و مصارع عشاق شهداء، لا یسبقهم من كان قبلهم و لا یلحقهم من بعدهم» [2] .

و ان كانت بعض الروایات قد ألحقت شهداء بدر بشهداء كربلاء فی رتبتهم، كما روی الطبرانی بسنده المتصل الی شیبان بن مخرم - و كان عثمانیا - قال: انی لمع علی رضی الله عنه اذ أتی كربلاء، فقال: «یقتل فی هذا الموضع شهداء لیس مثلهم شهداء الا شهداء بدر» [3] .

لكن ابن نما فی (مثیر الأحزان) قد أورد عن میمون بن شیبان بن مخرم، و كان عثمانیا قال: انا لنسیر مع علی علیه السلام اذ أتی كربلاء، فقعد علی تل،فقال: «یقتل فی هذا الموضع شهداء الأشهداء» [4] .

و یكفی للقطع بأن شهداء الطف لیس كمثلهم شهداء مطلقا ما ورد فی قول الامام الحسین علیه السلام من اطلاق فی مدحهم حیث قال: «... لا أعلم أصحابا أوفی و لا خیرا من أصحابی...» لشمول تفضیلهم فیه علی من سبقهم و من یأتی بعدهم.


و لسمو منزلتهم ورد فی الأثر أن أم سلمة (رضی الله عنها) رأت فی المنام رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فأخبرها أنه قد فرغ لتوه من حفر قبور للحسین علیه السلام و أصحابه.

فقد روی الشیخ الطوسی قدس سره بسنده الی غیاث بن ابراهیم، عن الامام الصادق علیه السلام قال: «أصبحت یوما أم سلمة تبكی، فقیل لها: مم بكاؤك؟ قالت: لقد قتل ابنی الحسین اللیلة، و ذلك أننی ما رأیت رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم منذ مضی الا اللیلة فرأیته شاحبا كئیبا، فقالت:

قلت: مالی أراك یا رسول الله شاحبا كیئبا!؟

قال: ما زلت اللیلة أحفر القبور للحسین و أصحابه!» [5] .

فكفاهم عزا و فخرا و مجدا أن یكون رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم یحفر قبورهم بیدیه المقدستین.

و لسمو منزلتهم و علو شأنهم و تفرد مقامهم وردت أخبار الملاحم و أنباء الغیب بأسمائهم و أسماء آبائهم! فقد ورد فی الأثر أن ابن عباس لما عنف علی تركه الحسین علیه السلام قال: «ان أصحاب الحسین لم ینقصوا رجلا و لم یزیدوا رجلا، نعرفهم بأسمائهم من قبل شهودهم!!» [6] .

و قال محمد بن لاحنفیة: «و ان أصحابه عندنا لمكتوبون بأسمائهم و أسماء آبائهم!!» [7] .

و ما أحسن ما وصفهم به المؤرخ السید محمد بن أبی طالب الموسوی حیث یقول: «رجال صدقت عهودهم، و وفت و عودهم، و خلص یقینهم، و صفا معینهم، لم


بلبسوا الظلم ایمانهم، و لم یشوبوا بشك انفاقهم، بذلوا الأجساد فی طاعتهم، و جادوا بالأرواح فی نصرتهم، فأثبتهم سبحانه فی دیوان خواصه، وش رفهم بتشریفه و اختصاصه، و ألحقهم بدرجة ساداتهم، و رقی بهم الی منزل قادتهم، لما بذلوا الأرواح والأجساد فی جهاد الأعداء طاعة لربهم، و تلقوا الصفاح و الصعاد من أكف الأشقیاء فی حربهم، و قویت بامتثال عزائم الله منهم العزائم، یجاهدون فی سبیل الله و لا یخافون لومة لائم، جعلهم أشرف أهل الجنة بعد الأنبیاء والمرسلین، و سادة الشهداء من الأولین و الآخرین...» [8] .

و أما عن عددهم فقد تفاوتت المصادر التأریخیة فی هذا الصدد، لكن أعلا عدد ذكره التأریخ لهم أنهم تجاوزوا المائة بقلیل (لمن حضر كربلاء مع الحسین علیه السلام)، و كذلك فقد تفاوتت المصادر التأریخیة فی عدد الشهداء، غیر أن المشهور - كما عن المفید رحمته الله - أنهم كانوا اثنتین و سبعین شخصا [9] .

و كان فیهم من غیر بنی هاشم خمسة من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم، و أربعة و عشرون من أصحاب أمیرالمؤمنین علیه السلام عدا أولئك الخمسة من الصحابة، كما أثبت ذلك المرحوم الشیخ0 محمد السماوی فی هذا الكتاب.

یقول صاحب كتاب (الحسین سماته و سیرته): «... أصحاب الحسین علیه السلام - علی قلة العدد - ضربوا أروع الأمثلة فی الوفاء والفداء، و كانوا أكبر من جیش الكوفة فی الشجاعة و البطولة والاقدام، و قد مجد الامام الحسین علیه السلام بموقفهم العظیم فی كلماته و خطبه فی «یوم عاشوراء»... أما هم، فكانوا یقفون ذلك الموقف عن بصائر نافذة و عن خبرة و علم الیقین بالمصیر، و لقد أصبح ایثارهم بأرواحهم لسیدهم الامام


الحسین علیه السلام عین الیقین للتأریخ، و مضرب الأمثال للأجیال» [10] .


[1] الكامل في التأريخ: 57:4 و تأريخ الطبري: 315:3.

[2] بحارلأنوار: 295:41، باب 114، حديث رقم 18.

[3] المعجم الكبير: 111:3.

[4] مثير الأحزان: 79.

[5] أمالي الطوسي: 90 المجلس 3 و أمالي المفيد: 310، المجلس 38، ح 6.

[6] مناقب آل أبي طالب: 53:4.

[7] مناقب آل أبي طالب: 53:4.

[8] تسلية المجالس: 346:2.

[9] راجع الارشاد 113:2، الأخبار الطوال: 249، تاريخ الطبري:336:3.

[10] الحسين ماته و سيرته: 161-160.